الحضارة الإسلامية لم تتغير ملامحها على امتداد القرون

القائمة الرئيسية

الصفحات

الحضارة الإسلامية لم تتغير ملامحها على امتداد القرون


الحضارة الإسلامية لم تتغير ملامحها على امتداد القرون



انطلاقا من شبه الجزيرة العربية خلال القرن السابع الميلادي بفتح كل بلدان الشرق فشيدوا حضارة إسلامية أصيلة امتدت لقرون.

ظهور الحضارة الإسلامية :

شهدت منطقة " مهدي الدين الإسلامي " شاسعة من السهوب و الصحاري في جنوب الغربي للقارة الأسيوية. و بإعتبارها نقطة إتصال بين الشرق و الغرب، نشوء ديانتين هما اليهودية و المسيحية، و بعدها الإسلام ثالث الديانات و تعتبر المنطقة إمتدادا للقارة الإفريقية من حيث البنية و التضاريس و المناخ.

العرب قبل الإسلام كانوا شعوب متهدنة، نتيجة إحساسهم بضعف أمام الطبيعة، و بإعتبارها قوى عظمى لابد من إرضائها و التقرب إليها بكافة الطقوس لتفادي غضبها، بذلك إنتقل تصورهم الديني من مستوى بدائي إلى مراحل متقدمة:

*المرحلة الأولى : عرفت بمرحلة الإحلال أي لكل قبيلة لها الإله الخاص المتمثل في روح تحل في الأحجار، الأشجار، ...

*المرحلة التانية : عرفت بمرحلة الآلهة المتعددة لأنها تميزت بتطور الفكر الديني من الإحلال إلى التجسيد، أي تجسيد الآلهة في أصنام ( مناة - هبل - اللات - العزى ).

*المرحلة الثالثة : " مرحلة الإله الواحد " تمثلت بإعتناق الديانتين اليهودية و المسيحية بسبب تأثرهم بالإختلاط بالرهبان، أو الروم أو الأحباش.

و استنادا إلى تقسيم  العرب إلى بدو و حضر، ترتب عن ذلك عدم تنظيمهم في دولة واحدة ، مما خلف ذلك تعدد الأشكال السياسة من منطقة إلى آخرى : ففي اليمن ظهر شكل دولة الراقية التي تميزت بحضارات سبأ و حسير و معين، بينما في شمال حواضر ظلت شبه قروية بأحتفاظها بالنظام القبلي، أي يسمى بشكل دولة الحجاز، كذلك بالنسبة لمكة، الطائف و يثرب.

بالنسبة للبدو الوحدة السياسية منعدمة لاكن تعتبر القبيلة أكبر مؤسسة إجتماعية ينتسب أفرادها إلى جد معلوم. و في غيلب السلطة تجمع القبائل كلها تحت سقف مؤسسة أوسع ( الدولة )، عندما ظهر الدين الإسلامي بين دور العظيم في توحيد القبائل و جمع شتاتها.

إندثرت الدولة اليهودية تقريبا في أوائل القرن السادس مما نتج عن ذلك تفرق غالبية أعضائها حول العالم، سميت هذه الظاهرة ب " الشتات "، بالنسبة المسيحية هاجرت بلدها الأصلي لتتغلغل في الإمبراطورية الرومانية، بالضبظ في هذه الحقبة ظهر الدين اللإسلامي بمكة.

تقع مكة وسط شبه الجزيرة العربية بالمنطقة الحجاز بالضبط في واد غير ذي زرع، التي تحيط بها الجبال. من مميزات هذه المنطقة تتوفر على الينابيع، لكن هناك بعض قبائل الذين استوطنوا هذه الأرض مثل خزاعة، العمالق، كنانة و جرهم قبل أن تستقر بها قريش بغرض إستغلالها و حصول على الأموال الكثيرة في مجال التجارة و الزراعة بالواحات.

و إعتبار مكة تقع في موقع إستراتيجي بوجود الكعبة كمركز مهم يحج العرب إليها من كل البقاع العالم، لابد من تنظيم، توزيع و ترتيب الحج بين سادة قريش لإشراف المواسيم و الأسواق.

الحضارة الإسلامية لم تتغير ملامحها على امتداد القرون


مراحل الحضارة الاسلامية :


سنة 570م ولد الرسول (ص) في هذه المدينة فمرت حياته من جانب تأسيس الحضارة الإسلامية. لثلاث مراحل :

- نزل عليه الوحي في إحدى ليالي سنة 610م و هو يتعبد في غار جبل حراء قرب مكة.

- هاجر من مكة إلى المدينة مع أتباعه الذين يتزايدون بشكل مستمر في يوم 24 شتنبر 622م، بسبب تعاظم اصظهاد قريش له و لأنصاره، نتج عن ذلك منطلق التقويم الإسلامي الذي هو حدث الهجرة.

- عاد الرسول (ص) إلى مكة سنة 627م ففتحها و طهرها من الأصنام فعززى بذلك الدين الإسلامي.
منذ القرن السابع الميلادي وطد الإسلام بإعتباره نظاما دينيا و حضاريا، أي أنه أصبح قاعدة مرجعية أساسية لكل تطور قانوني، سياسي،ثقافي و فني.  من أبرز ما مميزه عن الأديان السابقة أنه جمع في مقتضياته بين ما هو عبادة، و ما هو سلوك.

بهذه الأحداث مر العالم الإسلام إلى تغيير و بناء حضارة جديدة و صلبة أساس :

بناء إسلام شامل يربط بين متطلبات الدين و الدنيا، و يجمع بين المادة و الروح، أي مرحلة بناء الإنسان المؤمن و المتوازي، متربي على أساسيات الإسلام و عقائد التي تهتم إستجابة كل رغباته و ميوله في ضوء تقدرت الإسلامي للحياة. 
مرحلة الفتوحات الإسلامية لنشر المبادئ للأمم الأخرى، أي تبليغ الرسالة للشعوب العالم.

مرحلة إجتماع الحضارة الإسلامية مع الحضارات الأخرى قصد تبادل و إستفادة كلا الطرفية من العلوم و المعرف بينهما، مع حفاظ الإسلام بقيمه و ثوابته، كان هذا في العصر العباسيين في منتصف القرن الرابع الهجري.
مرحلة تأثير الحضارة الإسلامية على الحضارة الأوروبية، عرفت بالإبداع المقرون بالتنوع، الذي إمتد إلى بداية القرن الثامن الهجري.

مرحلة تثبيت الحضارة الإسلامية في المصر و الدولة العثمانية و الهند بشكل تام.
مرحلة كساد و التخلف الذي تساير مع عصر الإستعمار الأجنبي، و الإحتلال الصليبي لأوطان المسلمين في بلد المغرب العربي.

مرحلة الإزدهار الحضارة الإسلامية خلال القرنين التاسع عشر و العشرين، و تواكب بسرعة لتتدارك الأمة ما فاتها، و تصل بركب الحضارات المعاصرة.

الحضارة الإسلامية لم تتغير ملامحها على امتداد القرون


ركائز الحضارة الإسلامية :


تقوم الحضارة الإسلامية على مجموعة من الركائز منها الجانب الأسري.

بما أن القرآن بإعتباره دستور عبادات و معاملات ومرجع الأول و الأخير لكل شيء. لدى رسخ القرآن هذه البنية المشتركة بين العديد من الشعوب، حيث يذكر المؤمنين بما تجشتمته أمهائهم من عناء الحمل، الرضاعة و المسؤولية بالبر بهن واجبا.

و كما إهتم الإسلام بالتنظيم الأسري أي وضع لها أساسا قانونية لحمايتها، في خلق إطار قانوني رسمي ( عقد الزواج )، يلزم الطرفين ( الرجل – المرأة ) بالمحافظة علية و إلتزام به، و بمقابل قابل للفسخ ( الطلاق ) شريطة القيان بإجراءات ضرورية – رسمية و أخلاقية ليجعل كلا الطرفين لا يضيع في حقه، و كذلك تجعله في غير السهولة التي كان عليها.

و تطرأ أيضا قضية تعدد الزوجلت التي كانت ليس ظاهرة جديدة في المدتمع العربي الإسلامي. بل كان معهودا في مختلف الحضارات السابقة على الإسلام، لكن في الدين الجديد و بما أنه يحترم حرية الفرد لم يتخذ التعدد شكلا إلزاميا بأي وجه من الوجوه، لكن استلزم على تنشيط التزايد الديموغرافي تحت سقف القانون.
كما حارب الإسلام لرفع من شأن المرأة و منحت إليها حقوقا واضحة في الميراث.

و حرص الإسلام على التعلم و التربية الدينية و الخلفية للنشء الصاعد. في البداية كان التعلم مقتصرا على تلقين القرآن و بعد الأشعار، خلال القرن العاشر الميلادي تم تغيير الإستراتجية التعليم أي إحداث عدة درجات لتثقيف الطلاب، فظهرت المدارس تدرس النحو، فقه اللغة، البلاغة، الآداب، المنطق و الرياضيات. مما أدى ذلك سفر الطلاب إلى عواصم البلدان ( مكة، بغداد، دمشق، القاهرة، تونس و فاس ) لإستفادة من دروس على يد كبار العلماء في جامعات كبرى التي ظلت إلى يومنا هذا مراكز إشعاع ثقافي و حضاري إسلامي ( جامع الزيتونة، المستنصرين، الأزهر الشريف و القرويين ).

مميزات الحضارة الإسلامية :


لكل حضارة لها تميزها الخاص الذي يبهرها من كل ناحية. فهذه الحضارة مميزتها منها :

الإنتشار السريع عبر العالم : فهي حضارة تتسم بالسهولة و اليسر أي تؤمن بحاجات الإنسان فتشبع ميوله الفطرية و رغباته من خلال أسس عقائدية و فطرية سليمة.

حضارة ربانية : تأكد على إصلاح و التعمير و البناء وفق منهاج الله سبحانه و شريعته، بالإستخلاف بمعناة الشامل المادي و المعنوي.

حضارة منفتحة : لديها توافق الأخذ و تبادل مع الغير مع الحفاظ على الثوابت.

حضارة ممتدة : مهما تعرضها من هجمات شرسة عبر القرون الطويلة  بقيت لعد اليوم مستمرة في تواجد و منتصرة لسنوات.

حضارة إنسانية و عالمية في ذات الوقت : بما أن رسالة الإسلام العالمية و إنسانية فهي كذلك أخذ ذات البعد، فتكون مرتبكة بالإسلام ارتباطا عضويا، و تصاحبه في مسيرته جنبا إلى جنب.

الحضارة الإسلامية لم تتغير ملامحها على امتداد القرون


مبادئ الحضارة الاسلامية :


كما ذكرنا أن الحضارة الإسلامية هي عالمية و إنسانية قبل كل شيء. لكن من مبادئها المساواة و العدل بين كافة البشر، مهما كانت أصوله، عرقه، و لون بشرته، كذلك عدم تمييز بين الغني و الفقير، أي يستطيع على جميع مشاركة في نهضتها و تقدمها، فنجد مثلا العلماء من العرب كإبن سينا و الرازي الذي لهم الفضل في إسهامات كبيرة في الحضارة الإسلامية.

لغة الأصيلة و المرنة لدى الحضارة الإسلامية :

إنتشرت اللغة العربية بالعالم العربي القديم و تعتبر فرعا من فروع اللغات السامية إلى أن أصبحت إشعاع حضاري. عبرت الشعوب من خلال اللغة العربية عن حضارتها مثلا البابلية، الآشورية، الأكادية بالنسبة للعراق، الآراملية بالنسبة للشام.






هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع